الثلاثاء، 22 سبتمبر 2015


يحي علي ياغي الفنّان التّشكيلي البعلبكي
قراءات و رؤى تحليليّة في بعض المسارات الفنّيّة عبر مراحله التّشكيليّة

بقلم: حسين أحمد سليم

إنّه يحي علي ياغي، الفنّان التّشكيلي الرّاحل، إبن مدينة الشّمس بعلبك، إبن ترتبتها المنيعة و الصّلبة. و إبن مجتمعها البقاعي... إلتحق بكلّيّة الفنون الجميلة في العام 1963 للميلاد و نال منها دبلوما في الرّسم... و درّس الرّسم في مدارسها الرّسميّة و الخاصّة لحقب زمنيّة، عاش سعيدا ضمن حدود مدينة الشّمس، بحيّ الرّيش في بعلبك، سيّدة البقاع اللبناني...

كان الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، يعمل في مرسمه بمزله البعلبكي، بصمت في الرّسم و التّشكيل و الحفر و النّحت، مع أدواته... و تأثّر و أحبّ "نيتشه" و كتابه عن "زرادشت" لأنّه كان يمنحه قوّة داخليّة، كما كان إعتقاده... قدم من بلدته بعلبك، إلى مدينة بيروت، و في يده كتاب عن "زرادشت" الإنسان السّوبّرمان...

تناول الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي في تشكيل لوحاته الفنّيّة و التّشكيليّة, موضوع الفلكلور البعلبكي و البقاعي و اللبناني بحب و عشق... غارفا من معين طقوسه و موسقات ترانيمه الشّعبيّة... و كان مبدعا مميّزا في نتاجاته الفنّيّة، فنال و حصد عدّة شهادات تقديريّو، و حصل على عدّة ميداليات من أوروبّا و خاصّة من باريس...

عرض أعماله في مدينة الشّمس، أثناء مهرجانات بعلبك الدّوليّة، فلاقت لوحاته المعروضة، صدى من الأجنبيّ الزّائر، و المتلهّف إلى معرفة شيء عن الفنّ التّشكيلي البعلبكي و اللبناني...

أقام معرض "لبنان و القمر" في فندق الكارلتون ببيروت، برعاية الدّكتور رفيق شاهين وزير الشّؤون الإجتماعيّة، ضمّ عددا من اللوحات الجديدة ذات المواضيع المبتكرة... و كان خطوة جديدة ذات أثر في عالم الفنّان ياغي المميّز... و هذا المعرض بلوحاته المبتكرة، ألهب حماس الشّاعر سعيد عقل يومها، مُعربا عن إعجابه بالفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، و أفكار إبتكاراته و سبكها بالقالب الفنّي التّشكيلي، لتعكس وجه لبنان الحضاري...

و المعرض الثّالث للفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، ضمّ لوحات تستوحي في غالبيّتها، الزّخرفة الشّرقيّة التي تعود إلى العهد الأموي، ثمّ الحضارة الفارسيّة، و بلغ عددها 110 لوحات تشكيليّة، تعتمد التّلوين المائي و الحفر...

و أقام الفنّان ياغي معرضا له في فندق الكارلتون بمدينة بيروت، برعاية نقابتيّ الصّحافة و المحرّرين، بتاريخ الخامس عشر من آذار للعام 1967 للميلاد... إفتتحه نقيب المحرّرين الأستاذ ملحم كرم، و ضمّ المعرض 35 لوحة من أجمل اللوحات التي رسمها الفنّان ياغي، تعكس بوضوح إتّجاهه الفنّي... و قد زارت المعرض الفّنانة المصريّة، الممثّلة سعاد حسني، و أعجبت بأعمال الفنّان ياغي، و طلبت منه زيارتها بالقاهرة، و أسنت على لوحة "حنان الأمّ" في المعرض، للفنّان ياغي... 

و أقامت ندوة الخميس بشخص رئيسها الرّاحل الأستاذ علي شرف، معرضا للفنّان التّشكيلي البعلبكي يحي علي ياغي، في قاعة المدرسة اللبنانيّة في بعلبك، بتاريخ يوم الأحد الواقع في الرابع و العشرين من شهر آب للعام 1969 للميلاد، و قد زار المعرض الفنّان رفيق شرف...

و أقام الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي معرضا له بتاريخ الأربعاء الواقع في الخامس من نيسان للعام 1972 للميلاد، و هو المعرض التّاسع، تحت عنوان "حوّاء و العامل الإجتماعي" ضمّ 34 لوحة في نادي الحركة الإجتماعيّة في بعلبك، عالج فيه الفنّان ياغي، مشكلة المرأة الشّرقيّة و ما تعانيه في الأجواء التي تعيش فيها...

و أشرف الفنّان ياغي و مُدرّس الرّسم في مدرسة النّهضة بالشّويفات لصاحبها زياد ذبيان، بضاحية بيروت الجنوبيّة، على معرض شامل شارك فيه طلبة المدرسة برسوماتهم...

هذا و أفرِد جناحا خاصّا للفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، في مركز الحركة الإجتماعيّة في بعلبك، عرض فيه الفنّان ياغي نماذجا من أعماله الفنّيّة التّشكيليّة في النّحت و الحفر و الزّجاج و اللون الشّرقي من إيحاءات البيئة البقاعيّة البعلبكيّة...

و بإشراف الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، أقيم معرضا فنّيّا تشكيليّا، بدار المعلّمين و المعلّمات في بعلبك، برعاية الدّكتور جورج المرّ، رئيس المركز التّربوي للبحوث و الإنماء, بحضور مدير الدّار السّيّد صالح الزّين...

و أهمّ المعارض التي شارك فيها الفنّان يحي علي ياغي، معرض الإسكندريّة الذي رعاه الرّئيس الرّاحل جمال عبد النّاصر، و معرض فيينّا في النّمسا في العام 1968 للميلاد و معرض ألمانيا الغربيّة...

إعتبر الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي أنّ هناك مؤامرة على الفنّ الذي يُعبّر عن المشاعر الوطنيّة و التّراث من قبل الأصابع الأجنبيّة المحلّيّة و المستوردة...

و لتحقيق المستوى المطلوب للفنّ، و لرفع قدرة الفنّان على الخلق و الإبداع، كان يُطالب الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، بتأمين الضّمان الصّحّي و الضّمان الإجتماعي للفنّان التّشكيلي...

و كي لا يبقى الفنّان ضحيّة لأشباح العوز و الفاقة، فيضطّرّ إلى أن ينزل في سوق الإستهلاك على حساب فنّه و قيمه و إبداعه، رأى ياغي أنّه يجب إقامة معارض سنويّة في المكاتب السّياحيّة في أوروبّا، و تشجيع التّبادل الفنّي بين البلدان العربيّة و لبنان...

إلى هذا، ففي معرضه الأوّل بفندق الكارلتون إجتاز الفنّان يحي علي ياغي المدارس الفنّيّة قفزا من أوّل تاريخ الفنّ، إلى مدرسة التّجريد...

و لوحات الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي بمعرضه الأوّل بفندق الكارلتون في مدينة بيروت، إشتركت بدم واحد في الهيكل العام، رغم إختلاف أشكالها، و جُمِعت بروح واحدة تهيمن على جميع اللوحات...

نذكر من لوحات الفنّان التّشكيلي البعلبكي يحي علي ياغي: أمّ ترضع طفلها، فتاة تحمل في يدها زهرة بيضاء، الطّفولة، فتاة من بعلبك، تجريد، العائلة، الألم و الحرّيّة، حنان الأمّ، شرقيّة، بعلبكيّة، عازفة الرّبابة، عاريات جوبّيتير، صمود...

و الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي، كان يهتمّ ببعض لوحاته بتفاصيل الواقع نسبيّا، و يتصرّف برؤية الواقع كما يُحسّه لا كما يراه... و كان يهتمّ بتحليل الأشياء المرئيّة، و يشغله التّشكيل عمّا عداه... فكانت لوحات الفنّان التّشكيلي يحي علي ياغي في بعضها محمومة، و في بعضها عبارة عن خطوط سوداء متداخلة، تعطي إنطباعا عن شيء في الخافيات، في محاكاة للتّجريد... و كان الفنّان التّشكيلي ياغي يعيش حالات القلق و الخصوبة في آن واحد، بقدر ما كان يعيش الخطر و الخوف...

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق